recent
أخبار ساخنة

العوامل النفسية المؤدية لنجاح المتداول في سوق الفوركس

سوف نفتح في مقالة اليوم باب النقاش الذي لا ينقطع، وبالأخص بين المتداولين الجدد، عن دور العوامل النفسية في أن تصبح متداولا ناجحا ورابحا، وحجم الدور الذي تلعبه في التداول؟ والبعض يرى جدلا أنها لا تلعب أي دور وأن كل ما يحتاجه المرء هو إتباع إشارات التداول، وهناك أخرون يقسمون أن دوره يصل إلى 80-90%، وكيف يتم حساب هذه النسب أو ما مدى دقتها هي أمور ليس لها أهمية، والحقيقة هي أن العوامل النفسية قد تصنع أو تدمر مستقبلك المهني.
جميعنا مختلفون، وبعض المتداولين غير قادرين على تغيير سلوكهم بغض النظر عن النظام الذي قرروا إتباعه، فهم غير قادرين على تحقيق الأمر، فهناك بعض السمات الشخصية المسيطرة التي تجعلهم يلقون بعرض الحائط بكافة القواعد والقوانين، فعلى سبيل المثال الشخصية التي تتميز بالطمع بالإضافة إلى سمات انفعالية أخرى مثل الاندفاع الذي يتسبب في تهيئة الظروف التي تؤدي إلى القضاء في النهاية حتى على مستقبل أكثر المتداولين موهبة بالفطرة، كما أن الشخصية المغرورة عرضة للوقوع تحت تأثير قوى الانفعال مثل نفاذ الصبر وهي تركيبة سيكولوجية مدمرة مماثلة، فأي شيء يتحرك يتم رؤيته على أنه صفقة محتملة، ثم أن هناك أخرون – بالمناسبة منهم عدد قليل جدا – الذين لا يبدو عليهم التأثر بالانفعالات عندما يقومون بالتداول.

المراحل الأربع الخاصة بالعوامل النفسية للمتداول
يمر معظمنا بأربع مراحل مختلفة في منحنى تعليمنا:
المرحلة الأولى – إما أننا غافلين تماما أو ليس لدينا وعي بأهمية العوامل النفسية في التداول، إلا أننا نركز تماما على جانب التحليل الفني.
المرحلة الثانية – بإمكاننا تسمية هذه المرحلة بالإدراك، فنبدأ ندرك أن هناك عنصر أخر قد أغفلناه، ونصبح ماهرين في قراءة الرسوم البيانية، ورغم ذلك فنحن غير قادرين على كسب المال باستمرار أو الحفاظ على ما كسبناه، وبالتالي فنبدأ في قراءة الكتب والاستماع إلى الأخرين والرسالة تقول: أن شخصيتنا تقف في طريق تقدمنا.
المرحلة الثالثة – يصبح دور العوامل النفسية غير مهم مرة أخرى إلا أن السبب ليس لأننا أغفلناه أو لا نعي أهميته كما في المرحلة الأولى، فنحن لا يجب أن نقلق فقط بشأنه بعد اليوم، فالحواجز النفسية الداخلية تم التغلب عليها وتمكنا من تغيير أنفسنا ومن تغيير سلوكنا إلى درجة أنه أصبح باستطاعتنا تنفيذ خطة التداول في سوق الفوركس وإتباع قواعدنا بشكل تلقائي، فلم يعد ينبغي علينا التفكير بشكل واعي في دواسة "الدبرياج" أو دواسة الوقود أو دواسة الفرامل، بل نقوم بقيادة السيارة فحسب.
من المهم أن نفهم أن المرحلة الثالثة يمكن الوصول إليها وأنها يجب أن تكون هدفنا، وللأسف فإن معظم المتداولين يتعثرون في المرحلة الثانية، فهم يفكرون في دور العوامل النفسية وشخصياتهم باستمرار لدرجة أنهم يظلون يدورون في دائرة مغلقة، وتتوقف عملية تطورهم كمتداولين كلما تعمقوا في التفكير أكثر وأكثر، يمكننا تحقيق المرحلة الثانية ببطء، ولكن حتى تصبح متداولا ناجحا فإن المسألة يجب أن ننساها في مرحلة ما.
المرحلة الرابعة – التمكن التام من أمور التداول الثلاثة: العقل والمال والطريقة، وهذا بعد مختلف تماما قد يستغرق الأمر سنينا حتى يتحقق.
تفاصيل المراحل الأربع للعوامل النفسية الخاصة بالمتداول
المرحلة الأولى – عدم الوعي بأهمية العوامل النفسية في التداول
ليس هناك الكثير من الأمور التي يمكننا قولها بخصوص هذه المرحلة – فهي تتضح تماما حينما ننتقل إلى المرحلة الثانية.
المرحلة الثانية – الإدراك
بعد أن يعي المتداول أن ما كان يعتقده سهلا ليس كذلك بالتأكيد، يبدأ في البحث عن أجوبة، فيقرءون المقالات والكتب ويبحثون عن المعلومات على شبكة الانترنت ويزورون المنتديات. ويزداد لديهم الإدراك أن العقل الباطن يؤثر بشكل كبير على أداء التداول وأنه ليس دائما تحت سيطرة العقل الواعي.
في حياتنا اليومية، كثيرا ما تتضح لنا أن حقيقة عواطفنا وانفعالاتنا تدفعنا لفعل وقول أشياء ما كان ينبغي أن نقوم بها، فنغضب حينما يدخل أحدهم في الطابور أمامنا أو حينما نعلق على الطريق خلف أحد الحمقى الذي قد لا يدرك أن السرعة القصوى للقيادة هي 30 كم/س وليست 20 كم/س، إذن ما الذي يمنعنا من تسديد لكمة خطافية باليد اليسرى إلى مثل هؤلاء الأشخاص المزعجين؟ ما الذي يمنعنا عن دخول أحد المقاهي والتقاط قطعة كعك لذيذة من طبق أحدهم؟ إنه ضبط النفس والانضباط الذاتي والأعراف الاجتماعية التي تحدد سلوكياتنا.
ولكن ما الذي سوف يحدث إذا ما تم رفع هذه الضوابط وإزالة ما يمنعنا؟ هل بإمكاننا كبح جماح أنفسنا؟ هل نترجم انفعالاتنا إلى تصرفات؟ وعندما تصبح القيود الأدبية والأخلاقية غير موجودة ، فهل سوف نستسلم للمغريات؟
الإجابة على الأرجح هي نعم، وهذه هي طبيعة بيئة التداول بالضبط، فلا توجد أي عوامل خارجية تمنعنا من التسبب في الإضرار بحسابات تداولنا، فليس هناك من أحد بجوارنا كي يقول لنا "توقف !!!" ففي غياب القيود الخارجية, نحن في حاجة إلى انضباط ذاتي وضبط للنفس بشكل أكبر حتى نواصل إتباعنا لخطة وقواعد تداولنا في سوق الفوركس، وهذه القواعد يجب أن تؤسس وتبنى وتقام بالكامل بواسطتنا نحن، ثم ينبغي أن نطبقها ونساندها بأنفسنا ووحدنا، هل هناك أي مهنة أخرى تتطلب مثل هذا التفاني والجهد حتى تصبح ناجحا؟ هل من المستغرب أن التداول يصعب إتقانه وأن نحو 95% من المتداولين يفشلون في هذه العملية؟
إذن ما الحل؟ يجب أن ندرك أن السوق هو بيئة غير مستقرة، وأن أهم شيء هو عقلية التداول السليمة، في الحقيقة إن نجاحنا كمتداولين متعلق مباشرة بقدرتنا على خلق هذه العقلية وممارسة الانضباط الذاتي الشديد.
ولكن هناك اختلاف أساسي أخر أكثر أهمية بين العواقب المحتملة لإظهار العواطف والانفعالات في العالم الحقيقي وعالم الأسواق، ففي بيئتنا الاجتماعية يمكننا الاستفادة من العواطف والانفعالات مثل الغضب والغيظ أو إثارة حس العطف والشفقة من خلال إظهار مشاعر الحزن للتأثير والتلاعب بعواطف المحيطين بنا حتى يستسلموا ويرضخوا لرغباتنا واحتياجاتنا، إلا أن السوق لا يعمل على هذا النحو لأنه بيئة محصنة تماما ضد التأثر بإظهار العواطف والانفعالات. فعندما نقوم بالتداول، فإن الكيان الوحيد الذي يتشكل سلوكه بواسطة عواطفنا هو نحن، لأن تصرفات السوق التي لا ترحم دوما توزع الخسائر والمكاسب فقط على أساس عامل واحد: التصميم العقلاني على إتباع قواعدنا.
المرحلة الثالثة – الوضوح والتحرر
يبدأ المتداول مشوار تداوله كما تتحول الشرنقة إلى فراشة، ونحن لم نعد أسرى لعواطفنا وانفعالاتنا وأصبحنا متحكمين في تصرفاتنا، ولم نعد نتسرع في الدخول إلى الصفقات والخروج منها، ولا نتدخل في إدارة دقائق وتفاصيل الصفقات بمجرد أن يتم افتتاحها، فنحن نضع أمر وقف الخسارة ونحدد الربح المستهدف وبعدها نبتعد عن المشهد، ونترك الساحة للسوق ليقوم بدوره عن طريق تطبيق التداول بأسلوب "اضبط واترك". فكما هو الحال في حياتنا اليومية، فهناك الكثير من الأمور الخارجة عن سيطرتنا والقوة الوحيدة التي لدينا تكمن في طريقة تفاعلنا مع ما نتعرض له من أحداث، لذلك لا نبالغ في ردود أفعالنا من السعادة حينما نحقق الربح المستهدف أو نقع فريسة اليأس الشديد حينما نتكبد الخسائر، فهناك في الواقع علاقة سلبية مباشرة بين حدة ردود أفعالنا العاطفية بالنسبة لكلا الحدثين ونجاحنا كمتداولين.
وفجأة فسوف تتضح لنا الانفعالات الجماعية على شاشة الرسوم البيانية دون أن نظل جزءا من تلك الجماعة، وبالتالي فنحن لا نتفاعل مع انفعالات الجماعية تلك بل نصبح قادرين على تقييم واستخدام هذه الانفعالات لصالحنا.
وهذا الوضوح يحررنا من الأسر، فالوضوح والتحرر يشكلان هذه المرحلة من تطور المتداول، فإذا تمكنا من تنمية قدرتنا على رؤية وفهم ما يجري من أحداث، إذن فلدينا الآن الحرية في اختيار كيف نتفاعل مع الأحداث، فنتقن عملية تداولنا الخاصة أو نصبح أحد أفراد جمهور المتداولين.
ماذا يمكن للمتداول أن يتوقع أيضا من مرحلة التطور هذه؟ ويصبح متجردا من العواطف في مراقبته للسوق، ولا يتورط بعواطفه إلا أنه يستمر في تقييم عواطف وانفعالات المتداولين الأخرين، وينتظر في صبر وأناة تشكل نموذج الصفقة الصحيح ولا يتنازل ويقوم بدخول السوق على صفقة ذات احتمالية ربح منخفضة.
إن الانتقال من المرحلة الثانية إلى المرحلة الثالثة لا يتم بين عشية وضحاها، فهو عملية تدريجية مثل كل خبرات التعلم تتكون من سلسلة من المعلومات البسيطة، كل واحدة تعتبر بمثابة قطعة من الأحجية "البزل" تستقر في موضعها، وهناك إدراك بأن منطق السوق ليس هو نفس المنطق التقليدي لأرسطو الذي أصبح في أواخر القرن التاسع عشر المنطق الرسمي الحديث، واتضحت طريقة تصرف المستثمر الخبير في مقابل تصرف جمهور المتداولين وكيف تعكس شاشة الرسوم البيانية الانفعالات، وتتطور معرفة المتداول بأنه ليس مضطرا للمشاركة في أحداث السوق، وأنه حر في اختيار المعركة التي يود دخولها، وكل معلومة تأتي نتيجة لدرس أخر من دروس السوق، فهو المعلم الأعظم لنا جميعا، ونادرا ما تفوته فرصة معاقبة أحد المتداولين على ما ارتكبه من خطأ، فإذا كنت طالبا شرها تتعلم من السوق، فسوف تنصت إليه جيدا وتدون الملاحظات الهامة، وتجمع الخبرات والمعرفة، كما يتم سبك الحديد الخام حتى يصير فولاذا، فالعملية تستغرق بعض الوقت إلا أن الأمر يستحق العناء.
حينما تصل إلى تلك المرحلة في مشوار عملك في التداول، فسوف تكتشف أن هذا التحول قد غير شخصيتك ليس فقط كمتداول وإنما كإنسان أيضا، وسوف تجد أن لديك ضبط للنفس وانضباط ذاتي وصبر أكثر واندفاع أقل في حياتك اليومية.
الأمر يبدو مثاليا لدرجة لا تصدق، إلا أن هناك استثناء واضح، لأن هذا التحول ليس حالة دائمة بالضرورة، فسوف تدرك فجأة في بعض الأحيان حينما تعاودك تلك العادات السيئة أنك قد انزلقت قدمك بضع درجات على سلم التداول، وتصبح شديد الثقة والرضا عن النفس وسهل الإثارة. فتدخل صفقات اقل جودة وتتخلى عن قواعدك، وكلما لاحظت سريعا هذا، عدت إلى الطريق القويم مرة أخرى، لأن التخلص من عادات التداول القديمة المدمرة ليس حدثا منفردا وإنما عملية مستمرة، ويبدو أنه فشل بشري فحينما نحقق نجاحا، فإننا نميل إلى التوقف عن القيام بما أدى إلى الوصول إلى ذلك النجاح في المقام الأول، ومع ذلك وبقدر ما يبدو هذا الأمر محبطا، فحينما نتغلب على تلك النكسات ونعود إلى الطريق القويم، و تصبح مهارتك في التعامل مع هذه الظاهرة أفضل، ويقل تكرار النكسات، فسرعان ما تتعرف عليها وتتخلص منها بشكل أسرع، وسوف تتوقف هذه النكسات تماما في النهاية حينما تصبح ردود أفعالك تلقائية بالنسبة للسوق.
المرحلة الرابعة – أخر مرحلة من مراحل تطور المتداول
من السهل فهم المرحلة النهائية من تطور المتداول بالرغم من عدم سهولة تطبيقها، فإن كان المتداول مستعدا للتحول، إذن فلن يكون الأمر صعبا.
إن المرحلة المبكرة من التداول مليئة بالقرارات العاطفية والانفعالية التي تؤدي إلى نتائج خاطئة في افتتاح الصفقات وإغلاقها. وهذه هي الانفعالات التي تحرك جمهور المتداولين، ولكن حينما تتعرف عليها شيئا فشيئا، وتحكم سيطرتك عليها وتقلل من تأثيرها على قرارات تداولك، فهي لا تتلاشى تماما، والمتداول عند هذا المستوى يكون قد تعلم الفصل بينها وبين سلوك تداوله وقام بملاحظتها بطريقة موضوعية ومنفصلة، بدلا من أن يصبح أسيرا لها، ويمكنه استخدامها لصالحه. إذا أمكنك الشعور بالذعر الشديد يملأ قلبك والذي ينتج عادة عن حركة البيع الكبرى بثمن رخيص، فتلك بالضبط هي العواطف التي يشعر بها جمهور المتداولين كذلك، وبالمثل إذا أمكنك الشعور بذلك الإغراء الذي لا يقاوم للقيام بالشراء أثناء موجة الارتفاع التصاعدي الهائل، فأنت تشعر بنفس ما يشعر به جمهور المتداولين. كم مرة جلست وشاهدت السعر يرتفع ويرتفع ويستمر في الارتفاع حتى لا يعود في إمكانك المقاومة فتقوم بالشراء فقط لتجد أن أخر المتداولين قد قاموا بالفعل بحركة الشراء؟
استخدم ردود أفعالك الانفعالية كمرآة لقياس عواطف وانفعالات جمهور المتداولين، وبمجرد أن تتعرف علي هذه العواطف فسوف تعرف كيف سيتصرف جمهور المتداولين، وبالتمسك بضبط النفس الشديد والمطور، فإن هذا المنهج سوف يضعك في الجانب الصحيح من السوق، وهذا الجانب ليس دائما هو جانب جمهور المتداولين.
ومع ذلك فإنني أوجه إليكم تحذيرين:
الأول: ألا تحاول ضم عنصر التداول هذا إلى ترسانتك سريعا، فمن الأفضل أن تظل في المرحلة الثالثة بما يكفي حتى تصبح واثقا وثابتا على مبدئك قبل الانتقال على المرحلة الرابعة، التي تستلزم تطبيق قدر كبير من الخبرة وضبط النفس.
الثاني: وخلال مشوار تقدمك المهني، فقد تكتشف أنك لم تعد تشعر تماما بتلك العواطف والانفعالات المشابهة لجمهور المتداولين وأن دوافعك تتزامن تماما مع تحليلاتك وتصرفاتك الخاصة، وحينما يحدث هذا، فإن محاولتك لقراءة دوافعك كمرآة لكشف دوافع جمهور المتداولين قد تأتي بنتائج عكسية لأنك قد تبدأ في القيام بالتداول كمتداول يضارب في الاتجاه المضاد للاتجاه المفضل لديك أنت وليس للأغلبية، وعندها تعود في الأساس لتصبح جزءا من جمهور المتداولين مرة أخرى.
يجب أن تنظر للمسألة هكذا... فهناك حد فاصل بين المؤثرات الخارجية وبين ردود أفعالك، فأنت تصنع هذه المسافة عن طريق التوقف قبل إبداء رد فعلك وحرية اختيارك تكمن داخل هذا الحد الفاصل، ويمكنك اختيار رد الفعل الانفعالي الاندفاعي أم لا، فقد تفضل سؤال نفسك ما هو رد الفعل الأفضل، ما هي العواطف التي تدفع السعر إلى التحرك ومن على الأرجح المسئول عن ذلك، سواء كان المستثمرين الخبراء أم جمهور المتداولين ويمكنك اختيار الموضع الذي يجعلك في الجانب الصحيح واتخاذ القرارات التي تدعم هذا الاختيار، وقد تفضل الاستماع إلى عواطفك وانفعالاتك الخاصة أثناء فترة التوقف هذه، وتقوم بتقييم أول رد فعل اندفاعي شعرت بأنك مجبر على القيام به وتحلله إما إلى أن يكون قرارا صائبا أو قرارا من قرارا ت جمهور المتداولين البحتة.
google-playkhamsatmostaqltradent